الجمعة، 7 نوفمبر 2014

تأملات من حياة نبي الله أيوب في القرآن

ورد الحديث عن سيدنا ايوب في القرآن الكريم في اربعة مواضع موضعان منهما ورد اسمه فقط وذلك في سورةالنساء الاية (163) وفي سورة الانعام الاية (84)وموضعان وردالحديث عن قصته فيهما بشيء من التفصيل ، في سورة الأنبياء وفي سورة ص. 
أما موضع سورة الأنبياء فيقول الله تعالى "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ"، 
وأما موضع سورة ص فيقول ّ "وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ"
وفي هذين الموضعين ورد سياق النص القراني في معرض التذكير للنبي محمد فموضع سورة الانبياء تقديره : اذكر يامحمد اَيُّوبَ حين دعا الله أن يزيل عنه الضرر الذي مسّه، فاستجاب الله دعاءه وكشف ما به من ضُرّ، وآتاه الله أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِه وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين. وفي موضع سورة ص جاء النص صريحا " واذكر عبدنا ايوب .
وقصة ايوب نموذج للقصص القراني الذي استقر في الاذهان عبر الصورة التي رسمتها الروايات والاحاديث الشعبية بعيدا عن الصورة التي رسمها القران الكريم له .
فلم يصح شيئ من الاثار عن قصة ايوب كما يعرفها الناس ويتناولونها في اسمارهم وانما كلها روايات توراتية واساطير اسرائيلية موروثة عن اهل الكتاب مليئة بالغمز واللمز للانبياء كعادة اليهود في نظرتهم للانبياء من عدم تكريمهم واحتقارهم بل وقتل بعضهم وهي نظرة تختلف اختلافا جذريا عن نظرة القران للانبياء الذين هم وان كانوا بشرا لكنهم هم الذين وقع عليهم الاصطفاء الالهي ليقودوا هداية البشرية الى الخيروالنور فهم بهذا اسمى البشر واكمل البشر خلقا وخلقة ولذلك عند الحديث عن ايوب في القران علينا ان ننحي جانبا ما ورثناه من قصص عن ايوب من روايات لانعرف مصدرها ونعيش معه في ضوء نظرة القران الكريم للانبياء خاصة اننا لو وقفنا لحظات مع انفسنا ما استطعنا ان نصدق ما قيل عن ايوب بعيدا عن القران هل يمكن ان نصدق عن نبي من الانبياء اصطفاه الله نصدق عليه أن الشيطان قد أضرّ به، حيث أهلك ماله وولده، وهوصابر. ثم سبّب له الأمراض الرهيبة، بحيث لم يحتمل الناس رؤيته للجرَب الذي حلّ به؛ وكان ملقيا به على اماكن القمامة والدود يسرح في جسده وعندما ألحّت عليه زوجته أن يدعو الله تعالى ليشفيه،اعتبرهذا الطلبَ جريمةً تستحق الضرب مائة جلدة، فأقسم على ذلك. مع أن طلبها لا شيء فيه، بل إن الله تعالى يأمرنا بأن ندعو ليستجيب لنا. وبعد زمن طويل أمره الله تعالى أن يضرب برجله الأرض لتُخرج نبعًا يستحم منه ويشرب فيشفى. وهكذا كان. أما امرأته فليس له إلا أن يأخذ مائة عود ويضعها في رزمة واحدة، ويضرب زوجته بها ضربة واحدة، وهكذا لا يحنث بيمينه. لنصل في النهاية إلى التأصيل لما سُمي بالحيل الشرعية، أي أنه يجوز لك أن تتحايل في تطبيق الحكم الشرعي، المهم أن تتقيد بالظاهر، أما المضمون فلا بأس بتجاوزه. وهذه اسوأ الممارسات الفقهية في تاريخنا الفقهي والتي شن عليها العلماء العاملون حربا ضروسا مثل ابن القيم في كتابه اعلام الموقعين وغيره الكثير بل اكثر من هذا فيخبرنا الله ان قوما لعنهم ومسخهم قردة وخنازير لانهم استخدموا الحيل في تطبيق الاحكام الشرعية وهو نموذج أصحاب السبت الذين اعتدوا في السبت الواردة قصتهم في سورة الاعراف عند الحديث عن القرية التي كانت حاضرة البحر.
من اين جاءوا بالمرض أمن قوله مسني الضر؟ وهل الضر ورد في القران بمعني المرض فقط ؟ يقول أبو العبَّاس المقريُّ: ورد لفظ الضُّرِّ في القرآن على أربعة أوجهٍ:الأول: الضُّرُّ: الفقر ومثله: وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ [يونس: 12]، وقوله تعالى: وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ الله ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضر [النحل: 53] أي: الفقر.الثاني: الضّرّ: القحط؛ قال تعالى: إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بالبأساء والضراء [الأعراف: 94] أي: قحطوا.أو قوله تعالى: وَإِذَا أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ [يونس: 21] أي: قحط.الثالث: الضُّرُّ: المرض؛ قال تعالى: وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ [يونس: 207] أي: بمرض.الرابع: الضر: الأهوال؛ قال تعالى: وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر فِي البحر [الإسراء: 67]. اهـ. فلماذا فسر الضر عند ايوب بالمرض فقط 
من اين جاءوا بانه حلف هل عبارة "ولا تحنث "وهل الحنث استخدمه القران في الرجوع عن اليمين ام استخدمه كمعنى اعم من هذا فهو معنى جامع للاثم والظلم كما في قوله تعالى " وكانوا يصرون على الحنث العظيم " ثم واين القسم في الايات واين الزوجة المقسم عليها في الايات و لماذا القَسَم على جلدِ الزوجة مائة جلدة لمجرد أن طلبت طلبا مشروعا؟ ولو كان أيوب قد أقسم هذا اليمين الذي لا يحلف على مثله سوى مجنون أو مجرم، فالحلّ أمامه بسيط، وهو أن يستغفر الله تعالى أولا، ثم يُكَفِّر عن يمينه، اليس هناك طريقة للتكفير عن مثل هذا اليمين.بدون الحيل فإن حلف المرء على أن يقوم بشرّ، فلا يجوز له أن يقوم بهذا الشر، بل يقول الله تعالى (وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).. أي لا تُقسموا بالله على ألا تفعلوا خيرا، أو لا تقسموا بالله على فعل الشرّ. فإذا أقسم المرء يمينا شرّيرًا، أو يمينا لا يريد أن يحقّقه، فالحلّ في قوله تعالى (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). نعم، الحل هو الكفارة عن هذا اليمين، بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، أو صيام ثلاثة أيام لمن لا يملك ذلك. وليس التحايل في تطبيق ما أقسم المرء عليه من عمل سوء. لأن العبرة بالنية والمقاصد، وليس بالحرفية.ومن الذي يدله على هذه الحيل ؟ الله ّ!!!!!!!!!!!!!1 سبحان الله لما ذا لايحله من اليمين كما فعل مع غيره من الانبياء " قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم 
ما أقبح هذا العرض! التحايل.. الخداع.. اللف والدوران.. الغموض.. التصيّد اللغوي.. الحرفيّة.. والأدهى أن يُنسب ذلك إلى الله !!! تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا
ثم هل ايوب في القران هو نموذج الصبر ام ان جميع الانبياء كانوا مثالا للصبر " وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ " الانعام 34
والغريب ان الفاصلة في ايات سيدنا ايوب انتهت بقوله تعالي " وذكرى للعابدين بخلاف الاية التي بعدها مباشرة عن اسماعيل واليسع وذي الكفل اذ يقول تعالى "وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ " ورغم هذا فقد جعلوا ايوب هو نموذج الصبر في القران !! 
وهل امر نبينا محمد بان يقتدي بايوب في صبره ام امر ان يقتدي باولي العزم من الرسل في صبرهم " فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ "الاحقاف 35
ومن هنا فاننا نرفض الحكايات التي نسجت عن ايوب سواء المرض في حياة ايوب اوانه نموذج الصبر اوحكاية عدم الحنث في اليمين بالحيل فضلا ان نصدق انه حلف ان يضرب زوجته الصابره معه فاذا اسقطنا كل هذا فما هي حكاية ايوب التي امرالقران الكريم النبي ان يتذكرها بالحديث عن ايوب 
ان قصة ايوب في القران تبين للنبي محمد صلي الله عليه وسلم والمؤمنين به من بعده سنن الله التي خلت في عباده بشان الابتلاء وهي ثلاث سنن حاكمة في الموضوع اظهرتها قصة ايوب في القران 
القاعدة الاولى :- ان الابتلاء سنة من سنن الله في عباده وهو شرط للنجاح وعلى قدر ما يصبوا اليه الانسان من اهداف بقدر ما سيقع عليه من البلاء " ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ( 214 ) البقرة ولأن الانبياء كانت اهدافهم سامية وهي اخراج الناس من الظلمات الي النور كان تعرضهم للابتلاء اكبر من غيرهم قال رسول الله " أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. أخرجه الإمام أحمد وغيره.
القاعدة الثانية :-عدم الاستسلام اوالعجز بل تجاوز البلاء بكل حركة وجهد يملكه الانسان " اركض برجلك 0000اضرب به ولا تحنث أي لاتظلم ولا تاثم وكان النبي يقول في دعائه : اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم والقسوة والغفلة والعيلة والذلة والمسكنة، وأعوذ بك من الفقر والكفر والفسوق والشقاق والنفاق والسمعة والرياء، وأعوذ بك من الصمم والبكم والجنون والجذام والبرص وسوء الأسقام. قال الألباني صحيح .
القاعدة الثالثة :- ان الابتلاء له ما بعده من النجاح والنصر والتمكين وتحقيق الاهداف وان مايخسره الانسان من مال او ولد او صحة اثناء فترة الابتلاء يعوضه الله باضعاف اضعاف ما فقده بعد النجاح في الابتلاء " وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ "
جاءت قصة ايوب في القران الكريم تفتح باب الامل للنبي صلي الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين وهم في مرحلة الضيق والكرب والشدة التي يلاقونها من الكفار لتقول لهم ان هذه المرحلة لها ما بعدها وهي ضرورية للوصول للاهداف العالية التي ينشدونها وان عليهم ان يتجاوزوها ولا يستسلموا لها او يعجزوا عندها او ييأسوا امامها وانما يتجاوزوها بجهدهم وسلوكهم وحركتهم على قدر ما يستطيع كما تجاوزها ايوب بجهده وحركته التي عبرت عنها الايات " اركض برجلك 00000 وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ثم بعد ذلك ينتظروا من الله فرجه القريب ورحمته الواسعة ونصره المبين ولقد صدق الاولون ذلك فهاجروا وضربوا في الارض وجاهدوا واستخدموا كل الاسباب وكان وعد الله لهم حقا فهل نحن على آثارهم نستلهم حياة نبي الله ايوب كما وردت في القران وليست كما وردت في الحكايات

تأملات من حياة نبي الله سليمان في القرآن(1)

 ورد اسم سيدنا سليمان  في القرءان الكريم في ست عشرة ءاية في سبع سور، هي سورة البقرة والنساء والانعام والانبياء والنمل وسبأ وص
وقد بدأ حديث القران عن سليمان في سياق المنة والهبة من الله لداوود  تكريما له " وَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴿٣٠﴾ص" كما من على موسى باخيه هارون " وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا ﴿٥٣﴾طه" وجاء سياق الحديث عن داود  في معرض تذكير نبينا محمد  بالصبر على الكافرين وما هم فيه من عزة وشقاق اي تعنت وتصلب في المواقف " اصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴿١٧﴾ ص . وقد وصف الله داود بانه اواب وكذا سليمان نعم العبد انه اواب ثم تعرض القران لحديث الفتنة التي تعرض لها سليمان بالمؤكدات اللام وقد " ولقد فتنا سليمان" بما يجذب الانتباه الى هذه الفتنة خصوصا اذ المتبادر الى الذهن من الوهلة الاولى ان سليمان وهوالملك وابن الملك والنبي ابن النبي قد كان في منأى عن العنت والايذاء الذي لاقاه اخوانه من الانبياء وكان في بسطة من العيش لم يتخللها عنت ولا ارهاق باعتباره مولود في بيت النبوة والملك لكن القران يلفت نظرنا الى انه لم يكن بدعا من الانبياء في تعرضهم للمحن والتي صبروا عليها ففازوا بحسن العاقبة " وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّـهِ ۚ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ ﴿٣٤﴾الانعام "
أشار القران الكريم إلى الفتنة التي تعرض لها سليمان –عليهالسلام– بقوله تعالى " وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ﴿٣٤﴾ص
وقد كثرت الأقوال في سبب هذه الفتنة، وحكيت في كتب التفسيرأقوال لا تتفق وعصمة الأنبياء، ولا يمكن أن تكون قد حصلت من سليمان –
ومن هذه الأقوال إن سليمان تزوج بامرأة من بنات الملوك،فعبدت الصنم في داره،ولم يعلم بذلك فامتحن بسبب غفلته عن ذلك!!!
وقيل: انه تزوج امرأة يقال لها جرادة، وكان يحبها حبًا شديدًا،فاختصم إليه فريقان أحدهما من أهل جرادة، فأحبّ ان يكون القضاء لهم ثم قضى بينهم بالحق!!!
وقيل: إنه احتجب عن الناس ثلاثة أيام لا يقضي بين أحد!!!
وقيل: إنه تزوج جرادة وهي مشركة، لأنه عرض عليها الإسلام فقالت اقتلني ولا أَسلم!!!
وقيل: لما ظلم الخيل بالقتل سلب ملكه!!!
وقيل: إّنه قارب بعض نساءه في شيء من حيض وغيره!!!
وقيل: إنه أمر أن لا يتزوج امرأة إلا من بني إسرائيل، فتزوج من غيرهم .
وكل هذه الأقوال مردودة ، إذ لا دليل موثوقًا به عليها ، ثم إنّ كثيرًا منها يتعارض وعصمة الأنبياء، والمكانة السامية التي اختصهم الله تعالى بها!!!وهي من اخبار الاسرائيليات المليئة باحتقار الانبياء وايذائهم وليس غريبا عليهم ذلك الامر فقد قتلوا الانبياء بغير حق فلايستبعد عليهم ما دون القتل من الكذب والافترا ء والبهتان
وفي تقديري لو تعاملنا مع الانبياء بمنهج القران باعتبارهم اصفى الناس واطهر الناس واكمل الناس وهم قدوة البشر في الطريق الله وهم الذين خصهم الله بالاصطفاء الالهي والسموالبشري أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ٩٠﴾الانعام" لو تناولنا سيرتهم بمنهج القران ما خطر على بالنا ان نتناول ايا منهم بهذه الطريقة إنّ كتاب السير عندما قالوابهذه الأقوال قالوا بها لأنهم رهنوا عقولهم لاخبار الاسرائيليات ولتفسير واحد لهذه الفتنة وهو أشد قبحًا وأكثر إساءة من هذه الأسباب!!! - ولوأنهم تحرروا من الارتهان لتلك الروايات المتهافتة في الفتنة، لمااحتاجوا إلى ذكر هذه الأسباب التي يردها العقل، ويعارضهاالنقل!!!
اقوال المفسرين في الفتنة التي تعرض لها سليمان والراجح لدينا منها
ان المتتبع لاقوال المفسرين في هذا الأمر يتحصّل على أربعة أقوال:
1-القول الأول: ذهب كثير من المفسرين أنّ هذا الجسد الذي ألقاه الله على كرسي سليمان هوشيطان اسمه صخر، وكان متمردًاعليه غير داخل في طاعته. قالوا: إن الله ألقى شبه سليمان عليه،وما زال يحتال حتى ظفر بخاتم سليمان، وذلك عند دخول سليمان الكنيف (الحمام فأخذ الخاتم من امرأة من نساء سليمان،وقعد على سرير سليمان أربعين يومًا.
هذه اشهر الروايات في كيفية ذهاب خاتم سليمان وملكه وهناك رواية أخرى تقول : إن سليمان –– كان جالسًا على شاطيء البحر، فوقع منه الخاتم فذهب ملكه
وقد ردّ المحققون من العلماء هذه الروايات واعتبروها من أباطيل الإسرائيليات، ودسائس الزنادقة على أمة الإسلام. اذ كيف يتصور العقل أن يتمّثل الشيطان بصورة نبّي يلتبس أمره على العامة، بل وحتى على نساء سليمان نفسه-؟ وكيف يتجرأإنسان على القول أن ذلك
الشيطان كان يجامع نساء سليمان ؟؟ هل يبقى من هيبة النبوةومكانة الرسالة شيء بعد ذلك؟؟؟
وقد سمى الإمام الفخر الرازي هذه الروايات بروايات أهل الحشو.
2- القول الثاني:إن المراد بالجسد الملقى على كرسيّ سليمان هوولد لسليمان، وأنه لما ولد اجتمعت الشياطين وقال بعضهم لبعض: إن عاش له ابن لن ننفك مما نحن فيه من البلاء والسخرة، فتعالوا نقتله أو نخبله، فعلم سليمان بذلك فخاف على ولده، فأمر الريح أن تحمله وتضعه في السحاب، فعاقبه الله!!!على تخوّفه من الشيطان، فلم يشعر إلا وقد وقع ابنه ميتًا على كرسيه وهذه الرواية مردوه أيضًا إذ أنها تقدح في عصمةالأنبياء!!! فالأنبياء من أشد خلق الله تعلقًا بالله وتوكلا عليه،وما كان سليمان ليخشى الشياطين على ولده وهم مسخرّون له،وهم في قبضته، وتحت إمرته!!! وما سمعنا أو علمنا أنّ أحدًا من خلق الله رُبّي في السحاب!!! فهذه الرواية تناقض العقل ولا يسعفها النقل!!! 
3-القول الثالث:ذهب كثير من محققي العلماءالقدامى، وأكثر المفسرين المعاصرين، إلى أن فتنة سليمان بالجسدالذي ألقي على كرسيه، هي الواردة في الحديث الصحيح الذي رواه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن رسولالله"قال سليمان بن داود -- لأطوّفن الليلة على مائة امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله. فقال له صاحبه:قل: إن شاء الله فلم يقل إن شاء الله، فطاف عليهن فلم تحمل منهنّ إلا امرأة واحدة جاءت بشق إنسان. والذي نفس محمد بيده لوقال: إن شاء الله، لم يحنث،وتكون الفتنة بناء على هذا الحديث هي: نسيان سليمان قول "إن شاء الله "وبالتالي عدم تحقق رغبته بان يكون له مائة ولد، يجاهدون في سبيل الله ويكون الجسد الذي القي على كرسيه: هو شق الإنسان -المولود المشوّه- الذي نزل من بطن أمّه ميتًا ووضع على كرسّي سليمان.
وقد اختاره العديد من المحققين من العلماء هذا القول لانه يريح من الخوض في أباطيل ينزّه عنها الأنبياء، ويعفي من التأويلات الإسرائيلية المكذوبة على سليمان –-..
لكن تنقصه الدقة العلمية فمعروف عند علماء الحديث ان فقه البخاري في تبويبه وهذا الحديث لم يروه البخاري في باب التفسير فالواقعة وان صحت عن سليمان عليهالسلام الا انها ليست بالضرورة تفسيرا للاية .
4- القول الرابع: ذهب بعض العلماء إلى تأويل آخر للفتنة، ينزّه سليمان عن أباطيل الإسرائيليات وينسجم مع سياق الآيات فقالوا: إن الفتنة هي فتنة سليمان في جسده، حيث أنه ابتلي بمرض شديد نحل منه وضعف، حتى صار من شدة المرض كأنه جسد ملقى على الكرسي، ثم أناب . أي: رجع إلى حالة الصحة. وقد شاع في اللغة وصف الضعيف بأنه لحم على وضم، وجسد بلا روح , وقد اختار هذا الرأي الشيخ المراغي وانتصر له الاستاذ بسام جرار منطلقا من سياق الايات فالتلازم بينه وبين الحديث عن ايوب  يوحي بوجود علاقة بين النبيين الكريمين، لا نظنها زمانية ولا مكانية ولا نَسبيّة... لأنّ القرآن الكريم يقصد إلى إبراز القضايا الإيمانية والاجتماعيّة والتربوية والتشريعية والأخلاقية... بعيداً عن الزمان والمكان والنَّسب. وبما أنّ قصة أيوب تتمحور حول قيمة الصبر فمن المتوقع أن يشير هذا التلازم إلى تجلّي هذه القيمة في سلوك، سليمان . ويبدو أنّ صبر سليمان، على مثل هذا الابتلاء كان في أعلى المراتب اذ نجح في امتحان الملك ونجح في امتحان البلاء إلى درجة أنّ نجاحه المتميز جعله يتمنى على ربه فيقول:" قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي إنك أنت الوهاب"
ونحن نميل الى ان تفسير الفتنة لسليمان بانها مرضه الشديد وقد صبر عليه واناب ولم يشغله عن ذكر ربه كما لم تشغله الصافنات الجياد و يكون سليمان  قد نجح في ابتلاء النعم والمحن سواء وخرج منهما ظافرا بملك لم يظفر به احد من بعده .وهذا الراي هو الذي يرجحه سياق السورة في حالة عدم وجود خبر صحيح يوثق به في تفسير الفتنة بغير ذلك .
ان حديث القران عن فتنة سليمان حديث متميز اذ لايكون اجتياز المحن بنجاح اجتيازا الى الجنة فحسب بل ايضا الى عاقبة الدار الدنيا والتمكين في الارض و الحديث عن سليمان يظهر لنا ان ما يتعرض له المؤمنون من اذي وابتلاء ليس لانه قدرهم لدخولهم الجنة بل ايضا مرحلة ابتلاء ليمروا من خلالها الى مرحلة التمكين كما يجتاز الطالب المجتهد الامتحان لمستقبل اكثر اشراقا وتميزا ورفعة لم ينلها الطالب المتكاسل فالتمكين في الارض ينبغي ان يمر عبر الفتنة فتنة النعم وفتنة المحن فيسقط فيهما من يسقط ومن يجتازها يجتازها الى مرحلة التمكين في الارض .
ان نموذج النبي سليمان في الصبر على المحن نموذج متميز يبشر الصامدين على الحق والصابرين على المحن والابتلاءات بحسن العاقبة "هَـٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿٣٩﴾ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ ﴿٤٠﴾ ص" فالمحن دائما تسبق التمكين "سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا

الأحد، 2 نوفمبر 2014

تأملات من حياة نبي الله ايوب في القران

ورد الحديث عن سيدنا ايوب في القرآن الكريم في اربعة مواضع موضعان منهما ورد اسمه فقط وذلك في سورةالنساء الاية (163) وفي سورة الانعام الاية (84)وموضعان وردالحديث عن قصته فيهما بشيء من التفصيل ، في سورة الأنبياء وفي سورة ص. 
أما موضع سورة الأنبياء فيقول الله تعالى "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ"، 
وأما موضع سورة ص فيقول ّ "وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ"
وفي هذين الموضعين ورد سياق النص القراني في معرض التذكير للنبي محمد فموضع سورة الانبياء تقديره : اذكر يامحمد اَيُّوبَ حين دعا الله أن يزيل عنه الضرر الذي مسّه، فاستجاب الله دعاءه وكشف ما به من ضُرّ، وآتاه الله أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِه وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين. وفي موضع سورة ص جاء النص صريحا " واذكر عبدنا ايوب .
وقصة ايوب نموذج للقصص القراني الذي استقر في الاذهان عبر الصورة التي رسمتها الروايات والاحاديث الشعبية بعيدا عن الصورة التي رسمها القران الكريم له .
فلم يصح شيئ من الاثار عن قصة ايوب كما يعرفها الناس ويتناولونها في اسمارهم وانما كلها روايات توراتية واساطير اسرائيلية موروثة عن اهل الكتاب مليئة بالغمز واللمز للانبياء كعادة اليهود في نظرتهم للانبياء من عدم تكريمهم واحتقارهم بل وقتل بعضهم وهي نظرة تختلف اختلافا جذريا عن نظرة القران للانبياء الذين هم وان كانوا بشرا لكنهم هم الذين وقع عليهم الاصطفاء الالهي ليقودوا هداية البشرية الى الخيروالنور فهم بهذا اسمى البشر واكمل البشر خلقا وخلقة ولذلك عند الحديث عن ايوب في القران علينا ان ننحي جانبا ما ورثناه من قصص عن ايوب من روايات لانعرف مصدرها ونعيش معه في ضوء نظرة القران الكريم للانبياء خاصة اننا لو وقفنا لحظات مع انفسنا ما استطعنا ان نصدق ما قيل عن ايوب بعيدا عن القران هل يمكن ان نصدق عن نبي من الانبياء اصطفاه الله نصدق عليه أن الشيطان قد أضرّ به، حيث أهلك ماله وولده، وهوصابر. ثم سبّب له الأمراض الرهيبة، بحيث لم يحتمل الناس رؤيته للجرَب الذي حلّ به؛ وكان ملقيا به على اماكن القمامة والدود يسرح في جسده وعندما ألحّت عليه زوجته أن يدعو الله تعالى ليشفيه،اعتبرهذا الطلبَ جريمةً تستحق الضرب مائة جلدة، فأقسم على ذلك. مع أن طلبها لا شيء فيه، بل إن الله تعالى يأمرنا بأن ندعو ليستجيب لنا. وبعد زمن طويل أمره الله تعالى أن يضرب برجله الأرض لتُخرج نبعًا يستحم منه ويشرب فيشفى. وهكذا كان. أما امرأته فليس له إلا أن يأخذ مائة عود ويضعها في رزمة واحدة، ويضرب زوجته بها ضربة واحدة، وهكذا لا يحنث بيمينه. لنصل في النهاية إلى التأصيل لما سُمي بالحيل الشرعية، أي أنه يجوز لك أن تتحايل في تطبيق الحكم الشرعي، المهم أن تتقيد بالظاهر، أما المضمون فلا بأس بتجاوزه. وهذه اسوأ الممارسات الفقهية في تاريخنا الفقهي والتي شن عليها العلماء العاملون حربا ضروسا مثل ابن القيم في كتابه اعلام الموقعين وغيره الكثير بل اكثر من هذا فيخبرنا الله ان قوما لعنهم ومسخهم قردة وخنازير لانهم استخدموا الحيل في تطبيق الاحكام الشرعية وهو نموذج أصحاب السبت الذين اعتدوا في السبت الواردة قصتهم في سورة الاعراف عند الحديث عن القرية التي كانت حاضرة البحر.
من اين جاءوا بالمرض أمن قوله مسني الضر؟ وهل الضر ورد في القران بمعني المرض فقط ؟ يقول أبو العبَّاس المقريُّ: ورد لفظ الضُّرِّ في القرآن على أربعة أوجهٍ:الأول: الضُّرُّ: الفقر ومثله: وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ [يونس: 12]، وقوله تعالى: وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ الله ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضر [النحل: 53] أي: الفقر.الثاني: الضّرّ: القحط؛ قال تعالى: إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بالبأساء والضراء [الأعراف: 94] أي: قحطوا.أو قوله تعالى: وَإِذَا أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ [يونس: 21] أي: قحط.الثالث: الضُّرُّ: المرض؛ قال تعالى: وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ [يونس: 207] أي: بمرض.الرابع: الضر: الأهوال؛ قال تعالى: وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر فِي البحر [الإسراء: 67]. اهـ. فلماذا فسر الضر عند ايوب بالمرض فقط 
من اين جاءوا بانه حلف هل عبارة "ولا تحنث "وهل الحنث استخدمه القران في الرجوع عن اليمين ام استخدمه كمعنى اعم من هذا فهو معنى جامع للاثم والظلم كما في قوله تعالى " وكانوا يصرون على الحنث العظيم " ثم واين القسم في الايات واين الزوجة المقسم عليها في الايات و لماذا القَسَم على جلدِ الزوجة مائة جلدة لمجرد أن طلبت طلبا مشروعا؟ ولو كان أيوب قد أقسم هذا اليمين الذي لا يحلف على مثله سوى مجنون أو مجرم، فالحلّ أمامه بسيط، وهو أن يستغفر الله تعالى أولا، ثم يُكَفِّر عن يمينه، اليس هناك طريقة للتكفير عن مثل هذا اليمين.بدون الحيل فإن حلف المرء على أن يقوم بشرّ، فلا يجوز له أن يقوم بهذا الشر، بل يقول الله تعالى (وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).. أي لا تُقسموا بالله على ألا تفعلوا خيرا، أو لا تقسموا بالله على فعل الشرّ. فإذا أقسم المرء يمينا شرّيرًا، أو يمينا لا يريد أن يحقّقه، فالحلّ في قوله تعالى (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). نعم، الحل هو الكفارة عن هذا اليمين، بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، أو صيام ثلاثة أيام لمن لا يملك ذلك. وليس التحايل في تطبيق ما أقسم المرء عليه من عمل سوء. لأن العبرة بالنية والمقاصد، وليس بالحرفية.ومن الذي يدله على هذه الحيل ؟ الله ّ!!!!!!!!!!!!!1 سبحان الله لما ذا لايحله من اليمين كما فعل مع غيره من الانبياء " قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم 
ما أقبح هذا العرض! التحايل.. الخداع.. اللف والدوران.. الغموض.. التصيّد اللغوي.. الحرفيّة.. والأدهى أن يُنسب ذلك إلى الله !!! تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا
ثم هل ايوب في القران هو نموذج الصبر ام ان جميع الانبياء كانوا مثالا للصبر " وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ " الانعام 34
والغريب ان الفاصلة في ايات سيدنا ايوب انتهت بقوله تعالي " وذكرى للعابدين بخلاف الاية التي بعدها مباشرة عن اسماعيل واليسع وذي الكفل اذ يقول تعالى "وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ " ورغم هذا فقد جعلوا ايوب هو نموذج الصبر في القران !! 
وهل امر نبينا محمد بان يقتدي بايوب في صبره ام امر ان يقتدي باولي العزم من الرسل في صبرهم " فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ "الاحقاف 35
ومن هنا فاننا نرفض الحكايات التي نسجت عن ايوب سواء المرض في حياة ايوب اوانه نموذج الصبر اوحكاية عدم الحنث في اليمين بالحيل فضلا ان نصدق انه حلف ان يضرب زوجته الصابره معه فاذا اسقطنا كل هذا فما هي حكاية ايوب التي امرالقران الكريم النبي ان يتذكرها بالحديث عن ايوب 
ان قصة ايوب في القران تبين للنبي محمد صلي الله عليه وسلم والمؤمنين به من بعده سنن الله التي خلت في عباده بشان الابتلاء وهي ثلاث سنن حاكمة في الموضوع اظهرتها قصة ايوب في القران 
القاعدة الاولى :- ان الابتلاء سنة من سنن الله في عباده وهو شرط للنجاح وعلى قدر ما يصبوا اليه الانسان من اهداف بقدر ما سيقع عليه من البلاء " ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ( 214 ) البقرة ولأن الانبياء كانت اهدافهم سامية وهي اخراج الناس من الظلمات الي النور كان تعرضهم للابتلاء اكبر من غيرهم قال رسول الله " أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. أخرجه الإمام أحمد وغيره.
القاعدة الثانية :-عدم الاستسلام اوالعجز بل تجاوز البلاء بكل حركة وجهد يملكه الانسان " اركض برجلك 0000اضرب به ولا تحنث أي لاتظلم ولا تاثم وكان النبي يقول في دعائه : اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم والقسوة والغفلة والعيلة والذلة والمسكنة، وأعوذ بك من الفقر والكفر والفسوق والشقاق والنفاق والسمعة والرياء، وأعوذ بك من الصمم والبكم والجنون والجذام والبرص وسوء الأسقام. قال الألباني صحيح .
القاعدة الثالثة :- ان الابتلاء له ما بعده من النجاح والنصر والتمكين وتحقيق الاهداف وان مايخسره الانسان من مال او ولد او صحة اثناء فترة الابتلاء يعوضه الله باضعاف اضعاف ما فقده بعد النجاح في الابتلاء " وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ "
جاءت قصة ايوب في القران الكريم تفتح باب الامل للنبي صلي الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين وهم في مرحلة الضيق والكرب والشدة التي يلاقونها من الكفار لتقول لهم ان هذه المرحلة لها ما بعدها وهي ضرورية للوصول للاهداف العالية التي ينشدونها وان عليهم ان يتجاوزوها ولا يستسلموا لها او يعجزوا عندها او ييأسوا امامها وانما يتجاوزوها بجهدهم وسلوكهم وحركتهم على قدر ما يستطيع كما تجاوزها ايوب بجهده وحركته التي عبرت عنها الايات " اركض برجلك 00000 وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ثم بعد ذلك ينتظروا من الله فرجه القريب ورحمته الواسعة ونصره المبين ولقد صدق الاولون ذلك فهاجروا وضربوا في الارض وجاهدوا واستخدموا كل الاسباب وكان وعد الله لهم حقا فهل نحن على آثارهم نستلهم حياة نبي الله ايوب كما وردت في القران وليست كما وردت في الحكايات